قراءة في الومضة
القصصية (عبودية) الفائزة بالمركز الأول في المسابقة الأسبوعية (أول الأوائل) رقم
8
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خيرى الأزغل
عبودية
حَرَّروه؛
اشترى سيدا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العنوان (عبودية): استعباد، استسلام، رق، خضوع...
و هي إما أن تكون:
ـ مفروضة فرضا (عبودية إجبارية): بالرق (العبيد)، أو (عبودية إجبارية كحال المساجين المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة) أو الناشئة عن الظلم و القهر؛ يقول (ريان عبدالرزاق الشققي):
لكنني ألقاك رهن الدرب يغلبك الأنين
تتوسلين فتُجلَدين
بغداد زُفَّتْ للرقيق لأجل قهر التابعين.
و لا يفوتنا هنا أن نشير إلى صورة أخرى من صور العبودية الإجبارية و
هي (عبودية الفقر)، التي لا يستسلم لها الأحرار، مهما بلغ الجوع مبلغه؛ يقول
المثل: (تجوع
الحرة و لا تأكل بثدييها).
و يقول (عبد
الغفار الأخرس):
وأنا الذي قهر الزمان بصبره *** جلداً على الأرزاء
من أنكاله
ـ أو (عبودية) بإرادة الإنسان:
* (طاعة الله و الانقياد و الخضوع و الذل له، و الالتزام بشرائع دينه،
و أداء فرائضه) و هي ما يمكن أن نطلق عليه (عبودية الرفعة)؛ يقول عنها (محيي الدين بن عربي):
و إنْ كنتُ في رفعٍ بربي محققاً *** فلا تحجبني عن
عبودية الخفض
عبودية ذاتية لم أزل بها *** و ما لي عنها من فكاك
و لا عتق
* أو طاعة الهوى و الغرام؛ تقول (غادة السمان):
حين شاهدتُك، أدركت كيف يصير الفرار شجاعة، و رحلت
إلى الطرف الثاني من الكرة الأرضية؛ فحبك عبودية.
فعن أي (عبودية) تحدثنا الومضة القصصية المعروضة؟:
ـ يخبرنا الشطر الأول من المتن بخبر سار: (حرروه)؛ و هو دليل على أنه
كان مستعبدا (رغم إرادته)، و تم تحريره من ربق العبودية.
ـ إلا أن الشطر الثاني يحمل مفاجأة لم تكن في الحسبان: (اشترى سيدا)؛
و هو دليل على تجذر مشاعر العبودية بما يمكن أن نطلق عليه (عبودية الاعتياد)؛ يقول
(مريد البرغوثي):
التعود بداية العبودية
و أقول في توقيعي الأدبي: (الاعتياد يعزز الاعتقاد و لو كان خاطئا)
و يقول (يوسف
الخال):
صراعي مع الزمانِ وبؤسي: *** أَنا في (الاعتياد)
بالعبودية عُمّدتُ
و يقول (محمود
درويش):
من رضع من ثدى الذل دهرا *** رأى في الحرية خرابا
و شرا.
و يقول (مصطفى
الخطيب) في ومضته القصصية التي سبق نشرها في مسابقاتنا اليومية ١٥ أغسطس ٢٠١٥
(عبيد): رضعُوا الذّلَّ؛ آلمَهُم الفِطامُ.
و يقول (أفلاطون):
لو أمطرت السماء حرية؛ لرأيت بعض العبيد
يحملون المظلات.
و ها هي الومضة القصصية المعروضة (عبودية: حَرَّروه؛
اشترى سيدا.)؛ تجسد مشهدا رمزيا معبرا و بليغا؛ بثلاث كلمات؛ فتحقق عنصر التكثيف،
و بمفارقة بين التحرر و العبودية، و بالإيحاء و الإدهاش و الخاتمة المباغتة في
(اشترى سيدا).
و هي العناصر الأساسية التي ينبني
عليها هذا الفن الأدبي الذي ابتكرته و أرعاه و أدعمه و أدافع عنه ضد العشوائية و
الارتجال، فضلا عن كونها حملت رسالة ضمنية مفادها:
ـ "أرذل ضروب العبودية؛ عبودية نختارها
بأنفسنا". (إبراهيم الكوني)،
ـ "العبودية عبر العصور كانت جريمة
العبيد أكثر من كونها جريمة الأسياد". (جميل شيخو).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقوال ذات علاقة بالومضة القصصية
المعروضة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ هناك من يناضلون من أجل التحرر من العبودية،
وهناك من يطالبون بتحسين شروط العبودية. (مصطفى محمود)
ـ انهضوا أيها العبيد، فإنكم لا ترونهم
كبارا إلا لأنكم ساجدون. (أبراهام لنكولن)
ـ إن العُبودية الخرساء هي تلك التي تُعلق
الرجل بأذيال الزوجة التي يَمقتها، و تلصق جسد المرأة بِمضجع الزوج الذي تركها و تجعلهما
من الحياة بمنزلة النعل من القدم. (جبران خليل جبران)
ـ حرر نفسك من العبودية الفكرية، فلا أحد
يستطيع تحرير عقولنا سوى أنفسنا. (بوب مارلي)
ـ من غلبت عليه شدة الشهوة لحب الحياة،
لزمته العبودية لأهلها، و من رضي بالقنوع زال عنه الخضوع. ( الإمام الشافعي).