الرابطة العربية للومضة القصصية: نتيجة مسابقة أول الأوائل رقم 17 لعام 2019

قراءة في الومضة القصصية (منافسة) الفائزة بالمركز الأول في المسابقة الأسبوعية رقم 17 (أول الأوائل لعام 2019)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ناصر عزات نصار

منافسة

تزاحمت الرايات؛ اختنق الوطن.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

العنوان (منافسة): و قد تكون تلك (المنافسة) في الخير؛ يقول (جبران خليل جبران):

تنافس أهل الفضل فيك فأتمرت *** قرائحهم أزكى البواكير عن كثب.

و إما أن تكون مغالبة، و مفاخرة؛ يقول (عبد الغني النابلسي):

تفاخر الماء و الهواء *** و قد بدا منهما ادعاء.

فعن أي منافسة منهما قصد كاتب الومضة القصصية المعروضة؟:

يقودنا العنوان إلى (المتن)؛ فنطالع الشطر الأول منه: (تزاحمت الرايات)؛ و الرايات: جمع راية وهي العَلَم، (علامة منصوبة لكي يراها الناس)؛ تلك الرايات المتعددة التي (تزاحمت): كناية عن التنازع و التناحر بين الآراء و التوجهات المتضاربة؛ (تزاحم البهم على المكرع)؛ يقول (صباح الحكيم):

و تزاحم الحزن اللعين أمامي *** فوجدتُ قلبي غارقاً بين الأسى.

ذلك التزاحم لرايات التعصب و التحزب؛ يؤدي حتما إلى التشتت و التشرذم؛ يقول (أحمد محرم):

إنا نحاذر قول الشامتين بنا *** حزب يلوم و حزب ضل مسعاه.

فماذا كانت النتيجة؟:

(اختنق الوطن) و هو تعبير بلاغي: شبه فيه الوطن بإنسان، و حذف المشبه به و أتى بصفة من صفاته و هي التنفس؛ فاستطاع الكاتب بهذا أن يجسد تلك النتيجة التي تعرض لها الوطن (اختنق) نتيجة تصارع أبنائه و تعاركهم، و لسان حاله ينطق بما قاله (إيليا أبو ماضي):

توهّمته هما فقلت له انجلي *** فإنّ همومي ضاق عن وسعها صدري.

و الومضة القصصية هنا توصل رسالة داعية إلى الائتلاف بديلا عن الخلاف، و الانضواء تحت لواء الوطن؛ متسلحين بالعلم الذي قال عنه بيت الحكمة:

إِذا ما أقامَ العلمُ رايةَ أمةٍ *** فليس لها حتى القيامةِ ناكسُ.

و عندئذ يبتسم و يتنفس الوطن، على نحو وصف (أحمد شوقي):

إذا تبسم أبدى الكون زينته *** وإن تنفس أهدى طيبَ ريحان.