يحيى القيسي (العراق)
اِنقلاب
سقطت اللعبة؛ تعثّروا بخيوطها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قراءة بقلم/ مجدي شلبي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( انقلاب ) بهذا العنوان اللافت للنظر، و
الدافع للحذر؛ بدأ الكاتب ومضته القصصية، و هو عنوان لا ينبغي قصره على المدلول
السياسي فقط؛ ذلك لأن هذا اللفظ مفتوح على معان عديدة، تشمل: كل تَغيُّر سريع غير
مُنْتَظَر في الرأي أَو الاتجاه، أو تحوُّل الشيءِ عن وجهه؛ كـ"انقلاب"
السيارة مثلا: صار ظهرها إلى الأسفل... فضلا عما تشير إليه الحكمة البليغة: ( إذا
زاد الشيء عن حده؛ "انقلب" إلى ضده )... فإذا ما بحثنا عن
"انقلاب" في علم الجغرافيا مثلا وجدناه يعني: ( الوقت الذي ترتدّ فيه
الشّمسُ من أقصى انحرافها بالنِّسبة إلى الأرض، ويكون في أوّل يوم من أيّام فصل
الشِّتاء؛ يعرف بـ"الانقلاب الشتوي" )، و ( الوقت الذي ترتدّ فيه
الشَّمسُ من أقصى انحرافها بالنِّسبة إلى الأرض، ويكون في أوّل يوم من أيّام فصل
الصَّيف؛ يعرف بـ"الانقلاب الصيفي" )... فضلا عما تعنيه عبارة: ("انقلاب"
الطقس: التغير المفاجئ في حالة الطقس من حالة إلى حالة أخرى)...
و
من المدهش أن كلمة "انقلاب" ارتبطت في أذهاننا بمعان سلبية؛ رغم أنها
تعني أيضا: رجوع؛ ( "انقلب" إلى أهله: عاد إليهم )...
لم
أشأ ـ بهذه المقدمة ـ أن أفسد على القارئ الكريم تصوراته، التي ربما تكون قد جذبته
نحو هذه الومضة القصصية، بدافع ما تعج به الساحة العربية من أحداث، و لكني أردت أن
أشير إلى ضرورة فتح باب التأويل أمام العنوان، و ألا نُغلقه على دلالة وحيدة.
فإذا
ما انتقلنا إلى المتن؛ وجدناه قد بدأ بعبارة: ( سقطت اللعبة )، ( السقوط ) دائما
يكون للأسفل: انهيار، هبوط، تدهور، إخفاق، وقوع...
(
اللعبة ) قد تكون أرجوحة لا تزال تهدهد بعض الغائبين عن الوعي ـ رغم انقطاع خيوطها
ـ سقطت بهم، و هم ما زالوا يتغنون بجمالها، و رقتها و روعتها و حنانها!...
و
يأتي الشطر الثاني موضحا ما حدث لهم نتيجة غفلتهم و حماقتهم ( تعثّروا بخيوطها )
و
قد تكون تلك ( اللعبة ) دمية لم يدركوا كنهها، و من ثم فقدوا القدرة على التعامل
معها؛ فأهملوها، معتقدين أن خلاصهم منها؛ سيكفيهم شر التفكير فيها؛ فإذا بهم يقعون
في شرك خيوطها، ويصبح اللاعب الغافل؛ ملعوبا به!...
إن
تكثيف النص و رمزيته، لم يمنعا الكاتب من طرح فكرته، بصورة مكتملة، عبارة سلسة،
وصف دقيق، و صياغة جذابة مدهشة.