بهية إبراهيم الشاذلي (مصر)
غواية
غض
بصره؛ تعثر شيطانها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قراءة بقلم/ مجدي شلبي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد
استهلت الكاتبة ومضتها القصصية بـ(غض بصره)، و هي عبارة تحتمل المعنى وضده طبقا
للمنظور إليه:
إن كان ( غض البصر عن الحرام ) فبها و نعمت،
أما إن كان (غض البصر عن الحلال كالحق و العدل...) فهو ليس سلوكا حميدا بحال من
الأحوال، و من هذا المنطلق تضعنا تلك العبارة أمام أحد احتمالين: إما أنه بفعله
هذا ( غض البصر ) قد سلك طريق الخير و السلامة، و إما أنه ارتاد دروب الشر و
الندامة.
و
غني عن القول أن الكاتبة ( لم تغض بصرها عن قضية "الغواية" التي عنونت
بها نصها ) فعبرت و بدقة عن دور الأدب بمعناه الأخلاقي، الذي لخصته معاجم اللغة
في: كل ما يُتأدب به؛ فينهانا عن المقابح و يحثنا على المحامد.
و من جماليات هذه الومضة القصصية هذا العنوان
الذي لمح و لم يصرح ( غواية )؛ هل هي استمالة للضلال، أم حيد عن الحق و العدل، هل
هي سعي بلا رشد، أم رشد بلا وازع من ضمير؟.
و لكون الومضة القصصية: برقة، لمحة خاطفة،
فقد أتى الشطر الثاني سريعا ليجيب ضمنا عما بدر من أسئلة: ( تعثر شيطانها )، و في
تلك العبارة مفارقة خفية بينها و بين الشطر الأول ( غض بصره )، رغم مشهدية تلك
المفارقة المعتمدة على الوصف الحركي بين الفعل و رد الفعل.
إن اعتماد الكاتبة على تلك النهاية؛ فتح
الباب على مصراعيه للولوج في النص، و اكتشاف دلالاته و معانيه:
ـ هي لم تقل: تعثرت هي، و لم تقل: تعثر
الشيطان ـ على إطلاق الكلمة ـ لكنها أرادت الوصول لفكرة أكثر عمقا، و هي أن
الغواية ليست فعلا إنسانيا، بل هو وسيلة شيطانية هدفها إيقاع البشر في شراك
المعصية، فـ( الرجل ) عندما قاوم غواية شيطانه بـ(غض بصره) جاءت النتيجة أن ( تعثر
شيطانها ) في سعيه، اتساقا مع قول الشاعر صباح الحكيم ـ بتعديل بسيط ـ:
( و هذا "اللعين" الشقي المكدر ... أضاع الطريق و تاه تعثر ).
فنجت منه و من شره هي الأخرى، بعدما نجا الذي
( غض بصره )، اتساقا مع حقيقة أن الخير يولد خيرا: عف؛ فعفت. "فتبينوا اليوم ما كانت خبيئته ... من عفة و وفاء لا من النشب." ( جبران خليل جبران ).