مرحبا بكم في بلوج الرابطة العربية للومضة القصصية: ريادة الومضة القصصية بلا منازع ـ أسس الرابطة الأديب مجدي شلبي: مبتكر الومضة القصصية في 12/9/2013...

غواية: بهية إبراهيم الشاذلي (مصر)

بهية إبراهيم الشاذلي (مصر)
غواية
غض بصره؛ تعثر شيطانها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قراءة بقلم/ مجدي شلبي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
     لقد استهلت الكاتبة ومضتها القصصية بـ(غض بصره)، و هي عبارة تحتمل المعنى وضده طبقا للمنظور إليه:
إن كان ( غض البصر عن الحرام ) فبها و نعمت، أما إن كان (غض البصر عن الحلال كالحق و العدل...) فهو ليس سلوكا حميدا بحال من الأحوال، و من هذا المنطلق تضعنا تلك العبارة أمام أحد احتمالين: إما أنه بفعله هذا ( غض البصر ) قد سلك طريق الخير و السلامة، و إما أنه ارتاد دروب الشر و الندامة.
     و غني عن القول أن الكاتبة ( لم تغض بصرها عن قضية "الغواية" التي عنونت بها نصها ) فعبرت و بدقة عن دور الأدب بمعناه الأخلاقي، الذي لخصته معاجم اللغة في: كل ما يُتأدب به؛ فينهانا عن المقابح و يحثنا على المحامد.
و من جماليات هذه الومضة القصصية هذا العنوان الذي لمح و لم يصرح ( غواية )؛ هل هي استمالة للضلال، أم حيد عن الحق و العدل، هل هي سعي بلا رشد، أم رشد بلا وازع من ضمير؟.
و لكون الومضة القصصية: برقة، لمحة خاطفة، فقد أتى الشطر الثاني سريعا ليجيب ضمنا عما بدر من أسئلة: ( تعثر شيطانها )، و في تلك العبارة مفارقة خفية بينها و بين الشطر الأول ( غض بصره )، رغم مشهدية تلك المفارقة المعتمدة على الوصف الحركي بين الفعل و رد الفعل.
إن اعتماد الكاتبة على تلك النهاية؛ فتح الباب على مصراعيه للولوج في النص، و اكتشاف دلالاته و معانيه:
ـ هي لم تقل: تعثرت هي، و لم تقل: تعثر الشيطان ـ على إطلاق الكلمة ـ لكنها أرادت الوصول لفكرة أكثر عمقا، و هي أن الغواية ليست فعلا إنسانيا، بل هو وسيلة شيطانية هدفها إيقاع البشر في شراك المعصية، فـ( الرجل ) عندما قاوم غواية شيطانه بـ(غض بصره) جاءت النتيجة أن ( تعثر شيطانها ) في سعيه، اتساقا مع قول الشاعر صباح الحكيم ـ بتعديل بسيط ـ:
( و هذا "اللعين" الشقي المكدر ... أضاع الطريق و تاه تعثر ).

فنجت منه و من شره هي الأخرى، بعدما نجا الذي ( غض بصره )، اتساقا مع حقيقة أن الخير يولد خيرا: عف؛ فعفت. "فتبينوا اليوم ما كانت خبيئته ... من عفة و وفاء لا من النشب." ( جبران خليل جبران ).