مرحبا بكم في بلوج الرابطة العربية للومضة القصصية: ريادة الومضة القصصية بلا منازع ـ أسس الرابطة الأديب مجدي شلبي: مبتكر الومضة القصصية في 12/9/2013...

العنوان: بين حرية الاختيار وضرورة الارتباط

العنوان: بين حرية الاختيار وضرورة الارتباط
بقلم: مجدي شلبي
.......................................
1 ـ المعنى الأيقوني للعنوان:
.......................................
الأيقونة كلمة غير عربية أصل معناها: نافذة على الملكوت (ملكوت الغيب المختصُّ بالأرواح والنفُّوس والعجائب) فإذا استعرنا اللفظ لوصف (عنوان النص أو الكتاب) أضحي: نافذة نطل من خلالها على عالم الإبداع، بتشوف وتشوق واستمتاع، ولكون كل نص له تميزه الإبداعي؛ وجب أن تكون له نافذته الخاصة (أيقونته المميزة):عنوانه.
....................................
2ـ المعنى اللغوي للعنوان:
....................................
(يظهر الشيء من عنوانه) تلك المقولة الشائعة صحيحة ودقيقة في وصفها؛ فكلمة (عنوان) طبقا لمعاجم اللغة تعني: ما يُستدلّ به على غيره.(عنوان السكن: إسم الشارع ورقم المنزل)، (عناوين الأخبار: ملخصها)، وفي السلوك الإنساني: "ما قدمه يُعتبر (عنوانا) على كرمه"؛ فالظاهر عنوان الباطن، (عنوان النص أو الكتاب: اِسْمُهُ وَسِمَتُهُ)
خلاصة القول: (العنوان) طبقا لمعناه اللغوي: مفتتح الكلام الذي يدل على مضمونه ومحتواه، ولهذا وجب أن يكون معبرا تعبيرا أمينا ودقيقا عن المتن. بخصوصيته ومقاصده الدلالية.
......................................
3 ـ المعنى النقدي للعنوان:
......................................
توافق معظم النقاد على وصف العنوان: بـ(عتبة النص)؛ باعتباره المدخل الأساسي للولوج إلى النص أو الكتاب
وقد اتضح مؤخرا أن (العنوان) ليس فقط مقدمة ومفتتح، ـ كما ورد في المعنى اللغوي والنقدي؛ بل يتجاوزه إلى تكوين معقد، يتضافر فيه التصريح بالتلميح، والغموض بالوضوح، والإبهام بالإعلان، وهو التوازن الدقيق الذي يلقي الضوء بمهارة وحذق على متن النص بممراته المتشابكة
وقد عمد بعض النقاد لوصف العنوان: بـ(عمود الخيمة) الذي ينسدل من قمته ويجتمع عندها نسيج النص وقماشته، بما يدل على أهميته.الوظيفية والرمزية أيضا، فضلا عن تلك الحركة التبادلية المتفاعلة بين النص الموازي (العنوان) والنص الأساسي (المتن)، بين المرجعية والدلالات المتعددة، في تناغم فني مبدع.
...................................
4 الوظيفة الفنية للعنوان:
...................................
الإغراء والإيحاء والوصف والتعيين.
أـ الإغراء: المقصود به هنا هو إثارة نهم القارئ للمعرفة، بترغيبه وتشويقه، واجتذابه وحضه على مطالعة النص أو الكتاب.
ب ـ الإيحاء: المقصود به هنا هو قدرة العنوان (غير المباشر) على إحداث حالة من التأثير النفسي على القارئ، ودفعه لإسقاط المعنى الدلالي على رؤيته الذاتية
ج ـ الوصف: أن يكون العنوان صورة أدبية أمينة تجسد المعنى المراد وتلخصة ببلاغة إيجاز؛ تطلق العنان للخيال.
د ـ التعيين: هو تحديد الجنس الأدبي للنص أوالكتاب (رواية أو قصة أو مسرحية أو قصيدة إلخ) على شكل عنوان فرعي فضلا عن العنوان الأساسي.
.........................................
5 ـ الوظيفة الاقتصادية للعنوان:
..........................................
تُعد الكتب من الناحية الاقتصادية سلعا تجارية، يمثل كل عنوان العلامة التي تميز كل سلعة عن الأخرى، ويلعب دورا هاما في اجتذاب القارئ وحثه على الشراء، والاطلاع.
........................................
6 ـ الوظيفة القانونية للعنوان:
........................................
يُعد العنوان سندا قانونيا يثبت ملكية النص أو الكتاب لكاتبه، حماية لملكيته الفكرية
.......................
7 ـ أنواع العناوين:
.......................
ـ عناوين مباشرة: في النصوص الواقعية
ـ عناوين وثائقية: في النصوص التاريخية والوطنية والقومية
ـ عناوين تجريدية في النصوص التي تشخص الذات والقيم المثالية والنصوص الرومانسية.
.......................
8 ـ اختيار العنوان:
.......................
لاشك أن اختيار العنوان هو عمل إبداعي مؤثر لما له من أهمية إعلامية، وجمالية، ودلالية، وهذا هو السبب في الحيرة التي يقع فيها كثير من الكتاب أثناء اختيارهم له؛ فمنهم من يوفق، ومنهم من لا يحالفه التوفيق.
وحتى وقت قريب لم يكن هناك منهج محدد يمكن السير عليه أثناء العنونة؛ فكان لكل كاتب حرية اختيار عنوان نصه أو كتابه، حتى لو جاء هذا العنوان مخادعا ومضللا للقارئ، الذي ربما يكتشف أو يقترح عناوين أخرى، قد تكون أكثر تعبيرا عن الدلالات الفنية الواردة في النص، من هذا العنوان أو ذاك.
إلى ظهرت دراسات اختصاصية وأبحاث علمية؛ بشرت بعلم جديد هو (علم العنوان) وقد ساهم في تأسيسه باحثون غربيون معاصرون منهم: جيرار جنيت، وهنري متران، ولوسيان ﮔولدمان، وشارل ﮔريفل، وروجر روفر، وليو هويك
ولعل النصيحة التي يمكن إيرادها هنا هي الاهتمام بدراسة هذا العلم الجديد، ورغم اعترافنا بحقيقة وجود الموهبة الإبداعية في العنونة والتي يتمتع بها البعض، إلا أنه في ظل العلم لا ينبغي الاعتماد على الموهبة والاجتهاد وحدهما
........................................
بعض خصائص العنونة الجيدة:
........................................
وفي إشارة موجزة ـ وغير كافية ـ يمكن تلخيص خصائص العنونة الجيدة في النقاط التالية:
 -1اختصار العنوان وتكثيف دلالات النص.
 -2دقته ونفاذه وارتباطه بالعمل.
3ـ التشويق والإثارة الإيحائية المجازية والرمزية.
..................................
عنونة الومضات القصصية:
..................................
ولا يفوتني هنا ونحن بصدد الحديث عن العنونة بشكل عام، أن أنهي هذا المقال بإشارات حول عنونة الومضات القصصية على وجه الخصوص من خلال ملاحظاتي على ما يردنا من نصوص في رابطتنا العربية للقصة الومضة:
ـ ألا يكون العنوان جزء لا يتجزأ من النص.
ـ ألا يأتي العنوان بشكل مباشر وكاشف.للعمل.
ـ أن يكون العنوان كلمة واحدة فقط.
ـ ألا يكون صفة من الصفات (شجاعة ـ مروءة ـ بخل ـ أنانية... إلخ) اعتمادا على تحليل وشخصنة الصفة وتصويرها في النص.
ـ أن يعتمد العنوان على اللفظ الموحي والمعبر بدقة عن روح النص.
ـ أن يتضافر العنوان والنص معا؛ في مهمة فتح باب التأويل، وعدم اقتصاره على دلالة واحدة.
..........
خاتمة:
..........
أتمنى أن أكون قد وفقت في طرح موضوع (العنونة) والذي يشغل بال كثير من المبدعين؛ فاختيار العنوان في كثير من الأحيان، يحظى بوقت أطول من الوقت الذي يستغرقه إبداع النص ذاته
وبالله التوفيق.
ــــــــــــــــــــــ
مجدي شلبي
مساء الأحد 9 نوفمبر 2014