مرحبا بكم في بلوج الرابطة العربية للومضة القصصية: ريادة الومضة القصصية بلا منازع ـ أسس الرابطة الأديب مجدي شلبي: مبتكر الومضة القصصية في 12/9/2013...

القصة الومضة كما طالعتها وكتبتها

القصة الومضة كما طالعتها وكتبتها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم: الأستاذ/ حيدر مساد (كاتب وناقد أردني)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعرفت على هذا الجنس الأدبي منذ شهور فقط  من خلال اطلاعي على ما ينشر في الموقع الالكتروني الخاص بـ "الرابطة العربية للقصة الومضة" بإدارة وقيادة رائد ومبتكر هذا الجنس الأدبي الأديب العربي مجدي شلبي، وتابعته وهو يقود معركة استقلال هذا الجنس الأدبي الجديد وتفرده وتميزه، بعد أن استنبته من أرض "أدب التوقيعات"، غارسا إياه في بستانه الأدبي الخصيب، يسقيه بفكره، ويرعى نموه بمتابعته؛ يشذبه ويزيل كل غريب وشاذ يعلق به، وكل نبتٍ ضار حوله؛ لينمو ويكبر باسقا وارفا، يستظل بظله ويأكل من ثمره كل مريد...
و رغم إطلالتي الحديثة على هذا الأدب؛ سأخوض في تحليله إن جاز لي هذا.

لو أمعنا النظر في بعض الأمثال الشعبية والحكم التي تروى لرأينا شيئا من قبيل القصة الومضة أو يكاد يقترب منها، لكن بلغة شعبية عامية عشوائية التركيب لا ترقى بالذائقة العامة للناس، وبدون ضوابط محددة: "طب الجرة على ثمها؛ تطلع البنت لأمها"، "ضربوا الاعمى على عينه؛ قال ما هي خربانة خربانة"، "أجت الحزينة تفرح؛ ما لقتلهاش مطرح"، "ما لقوش في الورد عيب؛ قالوله: يا أحمر الخدين"... والكثير من الأمثال التي يتداولها الناس هي نتاج قصص وحكايات حقيقية، حدث بعضها، أو مؤلفة نسجها الخيال الشعبي بعضها الآخر؛ فصارت تختصر في أمثال تتردد على ألسنة الناس، يستدل بها للتعبير المختصر عن حالة، أو تورية لرأي شخصي ما.

إذن هي نصوص عامية محكية ومتداولة... جاء في عصرنا أديب صاحب عين أدبية ثاقبة ورؤية فنية واضحة، فالتقط الحالة، وشرع في تحديد مفهومها وتأطيرها، ووضع ضوابط صارمة لها، للارتقاء بها من الذائقة العادية العامة، إلى الذائقة الأدبية الرفيعة، والأهم أنه بدأ يشق طريقا لها، لتتلألأ في سماء الأدب كجنس أدبي مستقل، قريب إلى القلب والعقل، وفي متناول الجميع على اختلاف مستوياتهم.

الومضة القصصية كما رأيتها هي بطارية مشحونة تتكون من قطبين بسلك توصيل هو العنوان، بمجرد توصيل وتجميع قطبي الومضة كما قطبي البطارية تحدث الشرارة المطلوبة لدى المتلقي؛ فتؤثر فيه قليلا أو كثيرا، وهذا يعتمد على قدرة الكاتب في إحداث الصدمة، قد تكون مجرد انتباهة، أو تصل إلى هزة أو رعشة في كيانه، وقد تحدث الشرارة حرقا تبقى علامته في ذاكرة القارئ وتلازمه لفترة طويلة... او يمكن وصفها بالتقاء غيمتين بشحنتييهما المختلفتين(+،-) كما في شطري متن الومضة فتحدث البرقة المطلوبة وتضرب في العنوان؛ تنير للحظة السماء وتكشف ما اختفى في العتمة.

هنا، يطرح السؤال المهم نفسه: لماذا الآن يتم ابتكار هذا الجنس الأدبي؟ ألم ينتبه له عمالقة الأدب في السنوات أو العقود أو القرون الماضية؟
ربما انتبه له البعض لكنه لم يجد القبول فتلاشى انسجاما مع طبيعة العصر الذي كان يجد في الاسترسال متعة وجمالا، فالأدب يشبه عصره ويشبه ناسه في الطبائع، كانت المتعة والذائقة العامة تقبل على الأغنية الطويلة فراجت، كأغاني أم كلثوم وعبد الوهاب ولم يستسيغوا غيرها ... وكانت الرواية والقصة تشبع رغبة المتلقي فاستهجنوا غيرها... جاء عصرنا بالسرعة وضغط الوقت فتطبَّع الناس بطباعه فأقبلوا اتساقا على كل ما هو سريع فكانت الوجبات الغذائية السريعة "الهمبورجر"، و"الشاورما" والوجبات الأدبية السريعة أيضا؛ فجاءت القصة القصيرة جدا فيما مضى من سنوات، والآن يقدم لنا الأديب مجدي شلبي منجزه الأدبي (القصة الومضة)، لتنسجم مع طبيعة العصر استجابة يشهد بها حجم التفاعل الذي حدث مع هذا الجنس الأدبي الجديد، من جانب الكتاب والقراء والنقاد، خلال فترة وجيزة، منذ بدأ الأديب مجدي شلبي إرساء أسسه، وتحديد عناصره، ووضع المعايير والضوابط الخاصة به في 12/9/2013، ونظم مسابقة يومية لتحفيز الكتاب على تجريب الكتابة فيه، سعيا وراء انتقاء أفضل النصوص التطبيقية لعرضها على النقاد، لوضع الإطار النقدي لهذا الجنس الأدبي كجنس أدبي مستقل ومتفرد ومتميز عن باقي الأجناس الأدبية الأخرى...

إن (القصة الومضة) بحسب مطالعتي وممارستي لهذا النوع من الأدب، أشير إلى أنه أدب صعب جدا، يحتاج إلى جهد كبير، وتركيز ذهني عالٍ من الكاتب، وقدرات خاصة في البلاغة والاختصار والتكثيف والإلمام بمفردات اللغة، لايصال فكرة كبيرة بكلمات قليلة، وبشكل واسلوب أدبي سلس وجذاب ومشوق، فهو أدب السهل الممتنع والممتع معا...

لقد بدأت (القصة الومضة) تأخذ حيزًا لا بأس به في سماء الأدب قياسا بعمرها الصغير، وبدأت تلقي رواجا لدى الكتاب والنقاد والقراء، بفضل إرادة ومثابرة وكفاح عشاقها والمؤمنين بها وعلى رأسهم رائدها ومبتكرها وراعي مسار نموها وانتشارها الأديب مجدي شلبي، الذي يحفر اسمه بحروف من نور في تاريخ الأدب، جزاه الله كل خير عنا وعن أجيالنا العربية القادمة...
قال تعالى:
"فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ" صدق الله العظيم (الرعد).