القصة الومضة
بقلم الكاتب والناقد الأستاذ أحمد مجذوب الشريفي
لا يهمها الانشغال كثيرًا بالحدث والأحداث بقدر ما يهمّها أن تبرق وتشع
في وجدان المتلقي سريعا كالبرق فى السماء ، يومض للحظة ثم يختفى و لا يتكرر حدثه بمقوماته
السابقة و أفعاله ، و لا يملك أحد أن يصف أو يفسر ما حدث و ماصاحب البرق من أحداث ،
يظهر الضوء و تأثيره السريع على العين و تختفى الأحداث التى ساعدت على ظهور الضوء كليا
، لهذا فالقصة الومضة تأثيرها محدود بلحظة قراءتها الأوليه ، يختفى هذا التأثير عند
القراءة الثانية ، فالتفاعل و الانفعال معها لحظى لا يتكرر ، كما أن قالبها جامد غير
مرن ، تتميز بسرعة الفكرة و سرعة كتابتها على خط واحد (جاع فأكل أحلامه) ، (هممت بكتابة
نص , فإذا به يكتبنى) اذا فهى خاطرة سريعة الطيف ، قد تكون أكثر وهجا و أطول زمنا ،
الا أن تأثيرها يظل محدود الزمان و المكان ، فى تقديرى ما لم يبق أثره و يكون لهذا
الأثر تأثير فى تفكير الانسان و قد يغير تفكيره ، يبقى كالكتابة على الرمال سرعان ما
تذروها الرياح ، فالقصة القصيرة جدا تحمل رسالة موجزة معنونة الى عناية من يهمه الأمر
، بخاتمة قد تثبت الموضوع فى الذهن و قد تطيش به ، الا أن الرسالة تبقى كأثر يمكن أن
يقلب على وجه آخر ، و تعاد صياغتها من قبل الكاتب مرة و مرات لتقدم فى قالب جديد يختلف
عن القالب السابق ، و ان ظلت الفكرة هى نفسها الا أن تأثيرها يختلف و تبقى متوهجة
...