عناصر (الومضة القصصية)
و أركانها الأساسية
و أركانها الأساسية
بقلم: مجدي شلبي
(الومضة)
طبقاً لمعناها اللغوى: برقة من الضوء (برِقَ الشيءُ: أى اجتمع فيه لَونان من سوادٍ
وبياض)، إلتماعة خفيفة واحدة، غمزة، بسمة. ظهور مفاجىء قوى و سريع خاطف، و من خلال
هذا التعريف تبرز أركان الومضة جلية واضحة:
(أولاً) التكثيف: فلا مجال فى الومضة القصصية للوصف الدقيق و لا للحكي الروائي و لا للسرد المترهل... هي التماعة قوية خاطفة (برقة)... و ليست شمساً تولد من رحم الفجر
فتنمو تدريجياً حتى تصل إلى ذروتها ثم تنتهي بغروب ساحر يتفنن الشعراء و كتاب القصة
و الرواية في وصفه (ذلك الوصف يعتمد على فن الإضافة)... لكن الومضة القصصية تعتمد على فن الحذف، و هو ليس حذفاً عشوائياً و إلا تحول النص إلى لوحة مبهمة مستعصية على الفهم... لكنه
الحذف الفني الذي لا يُخل بالمعنى و لا يستبقي كلمة أو حرفاً زائداً يمكن الاستغناء عنه... (هذا هو المقصود بالتكثيف) أول عنصر من عناصر الومضة القصصية.
(ثانياً) المفارقة: بالعودة إلى تعريف الومضة نجدها تعني: البرقة
التي تبرق فتحيل سواد الليل إلى بياض مفاجئ... و تلك المفارقة بين الأسود و الأبيض،
بين الخير و الشر، بين العدل و الظلم، بين القسوة و التسامح، بين الظاهر و الباطن بين الحرية و القهر، بين الخنوع و التمرد، بين الجمال و القبح، بين السعادة و الحزن، بين الألم و الأمل... إلخ
هذه المفارقة هي العنصر الثاني من عناصر الومضة القصصية التي بدونها لا تكون أبداً ومضة قصصية.
هذه المفارقة هي العنصر الثاني من عناصر الومضة القصصية التي بدونها لا تكون أبداً ومضة قصصية.
(ثالثاً) الإدهاش: كلما استطاع الكاتب أن يتخلى عن النظرة الاعتيادية
للأشياء و يصورها لك بعين الدهشة كلما تحقق للنص سمة هامة و ضرورية من سمات الومضة القصصية... كأن يبرز حجم المفارقة و هول التناقض الذي فقدنا بسبب الاعتياد غرابته... فيدعو القارئ إلى التفكير و التأمل في أشياء و مواقف أفقدتها الاعتيادية غرابتها و دهشتها... تلك الدهشة
التي ترفل في ثوب السخرية أحياناً لكن دون أن تكون السخرية هدفاً و إلا تحول النص
إلى مجرد نكتة لا علاقة لها بفن الومضة القصصية...
(رابعاً) الإيحاء: و هو يعني في اللغة: التكلم الخفي للآخر... بمعنى
استخدام المفردات الموحية و المعبرة عن المعنى المقصود دون تصريح مباشر بها، و ذلك
باستخدام الرموز الدالة و المعبرة عن المعنى المقصود...
(خامساً) النهاية المباغتة: و تعنى النهاية المفاجأة التي تأتي على
حين غرة، و بغير توقع... هي أشبه ما تكون بلدغة النحلة أو لسعة النار... و النص الذي لا ينتهي بنهاية مباغتة و غير متوقعة يفقد أحد أهم عناصر الومضة القصصية...
مما سبق يتضح أن (الومضة القصصية) هي جنس أدبي خاص... يجدر
بنا أن نبحث في أصوله بعيداً عن هذا الإدماج الظالم بـ(القصة القصيرة جداً)... و هو
ما سأتناوله في مقال قادم بإذن الله.