قراءة في الومضة
القصصية (خيبة) الفائزة بالمركز الأول في المسابقة الأسبوعية رقم 9 (أول الأوائل
لعام 2019)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زياد نصار
خيبة
تَبَرّجَت
للنحل؛ تكاثرَ الذُّباب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العنوان (خيبة) مفتوح على دلالات عديدة: عجز، إخفاق، انكسار، فشل،
قنوط...
ـ (خيبة المسعى)؛ يقول (ابن الفارض):
فَلَئنْ رَضيتَ بها، فقد أسْعَفْتَني؛ *** يا
خيبة َ المسعى إذا لمْ تسعفِ
و يقول (ابن معتوق):
يا خيبة السعي قد ولَّى الشباب و لا ***
أَدْرَكْتُ سُؤْلِي وَعُمْرِي فَاتَ أَكْثَرُهُ
ـ (خيبة الأمل)؛ يقول (جبران خليل جبران):
نسائل اليوم عنه في معاهده *** فلا نصادف إلا
خيبة الأمل
فتُرى أي صورة من صور (الخيبة) جسدتها الومضة
القصصية المعروضة؟:
ـ يجيبنا الشطر الأول من المتن: (تبرجت للنحل)، و كلمة (تبرج) لها
دلالة على: التجمل، التزين، التبهرج؛ يقول (أحمد فارس الشدياق):
زهت مصر في أيامه فهي غضة *** تبرج من قبل
الزفاف و من بعد
و ورد في (معجم: الرائد) تبرجت السماء: تزينت
بالنجوم.
- و لها دلالة أخرى في العقيدة الإسلامية (التبرج الفاضح): السفور، و إظهار
المحاسن ـ التي أمرها الشرع بسترها ـ لغير زوجها؛ يقول الرافعي:
دلالك في التبرج من ضلالك *** و ما عاب الدلال سوى
دلالك
يقول الحق في محكم التنزيل (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ
تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) الآية 33 من سورة الأحزاب.
و بالعودة للومضة القصصية نلاحظ أن الكاتب استخدم الرمز في تجسيد
الصورة المشهدية: (تبرجت للنحل)؛ في محاولة للتشبه بالملكة، التي لا عمل لها إلا تبرجها؛
معتقدة أنها سوف تلفت نظر الذكور، و تجذبهم إليها؛ يقول (مهيار الديلمي):
و لا نحلة ٌ بات يعسوبها *** على الحسنِ من حذرٍ
يلسبُ
فهل استطاع التبرج و
السفور أن يحقق لها مأربها؟:
ـ يجيبنا الشطر
الثاني من الومضة القصصية المعروضة:
(تكاثر الذباب)؛ فانتقلت (بطلة النص) من عالم كانت تحلم به (مملكة
النحل)، إلى عالم يليق بها (طائفة الحشرات الضارة)...
ـ يقول (ابن نباتة):
و هل ينفع الفتيان حُسن وجوههم *** إذا كانت
الأعراض غير حسان.
فلا تجعل الحُسن الدليل على الفتى *** فما كل
مصقول الحديد يماني.
ـ و يقول (الإمام
علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه):
ليس الجمال بأثواب تزيننا *** إن الجمال جمال
العلم و الأدب
تلك هي الرسالة الضمنية التي أراد الكاتب أن يوصلها بهذه الومضة
القصصية، التي صاغها بأسلوب تهكمي، و بإيجاز بليغ، و معبر عن تلك الحقيقة المؤكدة التي
يلخصها بيت الحكمة لـ (جبران
خليل جبران):
تحجبك
الجلالة في سفور *** و تجلوك النبالة في الحجاب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حكم و أقوال ذات
علاقة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ إذا كان الجمال يجذب العيون؛ فالأخلاق تملك
القلوب. (أفلاطون)
ـ فَرْقٌ
كبير بين أن تحبها لأنها جميلة، و أن تكون جميلة لأنك تحبها. (أنايس نين)
ـ الجمال
هدية قابلة للكسر. (أوفيد)
ـ الجمال
بلا فضيلة كالزهرة بلا أريج. (بايرون)
ـ الجمال مجرد طبقة خارجية، أما القبح فيكون
متوغلا حتى العظام. (دوروثي بارك)
ـ من يبحث عن امرأة طيبة و ذكية و جميلة يبحث عن
ثلاث نساء. (أوسكار وايلد)