قراءة في الومضة القصصية (إشَارَة) الفائزة بالمركز الأول في المسابقة الأسبوعية رقم 24 (أول الأوائل
لعام 2019)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسامة محمد علي
إشَارَة
جَهِلُوا قَوَاعِد اللُغَة؛ حَدَثَهُم البُكْم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العنوان (إشارة): رمز، حركة، إيماء، تلويح يُفهم منه المعنى... و
الإشارة يمكن أن تكون بأصابع اليد، بديلا عن الكلام؛ يقول (عبد الجبار بن حمديس):
تُكتّمُ
ما تلقاه إلاَّ شكية ً *** تُعبّرُ عنها في إشارة إصبع.
أو أن تكون بدموع
العين؛ يقول (عبد
الجبار بن حمديس):
لا
تسأليه عن الهوى و سلي *** عنه إشارة َ دمعهِ الهَطلِ.
اتساقا
مع ما قاله (بهاء الدين زهير):
و فهمتُ
منهُ إشارة ً *** بَعَثَ الحَبيبُ بها عَلاَمَهْ.
و تستمد (الإشارة) قوتها من القدرة على التعبير،
شأنها شأن اللغة، التي هي الأخرى نسق من الإشارات و الرموز المنطوقة أو المكتوبة؛
يقول بيتي الحكمة:
ـ ثمَّ
الكلامُ هَاهُنا إشَارَةْ *** لِمَا يُسَمَّى الآنَ بالعِبَارَة.
ـ كأنهُ
إشَارَةُ المُرُور *** تؤْذِنُ بالوُقوفِ وَ العُبُور.
فتُرى
عن أي إشارة تتحدث الومضة القصصية؟:
ـ يجيبنا
الشطر الأول من المتن: (جَهِلُوا قَوَاعِد اللُغَة)
يقول
(قاسم حداد):
و أنتظر منتفضا كعصفور *** لعل الكلمة تخرج من
صمتها. (و أفهمها)، لكن هيهات لمن (جهلوا قواعد اللغة) أن ينطقوا نطقا سليما، أو
أن يكتبوا كتابة قويمة؛ يقول (الحلاج):
كي أعي ما يقول من كلمات *** كلمات من غير شكل و
لا نطق.
نتيجة (ابتكارهم) لغات مبتذلة؛ يقول عنهم شطر
بيت الحكمة: (إِن تبتذل تبتذل من جندل خرسٍ...)
إذا كانت اللغة هي وعاء المعرفة، و المعبر عن
الفكر و الشعور؛ فإن من يجهل قواعدها؛ لن يتمكن من التواصل و التفاهم و التخاطب
على نحو سليم، و من ثم يصبح كالأبكم، و هنا يفاجئنا الشطر الثاني من المتن، بعبارة
(حدثهم البُكم)
و هي عبارة ساخرة مما وصلوا إليه من جهل بقواعد
لغتهم؛ حتى أن (الأبكم) تفوق عليهم، بقدرته على التعبير ملتزما بقواعد لغة
الإشارة.
و غني عن البيان أن الالتزام بقواعد اللغة؛ فيه
تأكيد على الهوية؛ يقول (أبو منصور الثعالبي النيسابوري):
"اللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها تتميز".
و
تلك هي الرسالة التي أراد الكاتب أن يوصلها، سعيا وراء التحفيز للاهتمام بقواعد
اللغة، و هو ما بدا جليا في بعض ومضاته القصصية الأخرى؛ منها:
ـ شُمُوخ: اِعْتَمَرُوا لُغَةَ الضَاد؛
تَعَاظَمَتْ كِسَرُ المَعْرِفَة. (أسامة محمد علي)
ـ يَباب: ترَمّلَت حُرُوف الأبْجَدِيَة؛
أَفْلَسَتْ يَنَابِيع العُقُول. (أسامة محمد علي)
علما
بأننا سبق أن نشرنا بعض الومضات القصصية ذات الصلة؛ منها على سبيل المثال:
ـ نص:
هممت بكتابة نص؛ إذا به يكتبني. (عصام حسين كباشي)
ـ لوم:
جمح الكلام؛ كبحه الصمت. (خيري الأزغل)
ـ تحرّش: أَسْمَعَهَا مَعْسُولَ الكَلاَم؛
لَسَعَتْهُ بِمُرِّ المَلاَم. (هالة مهدي)
ـ بدائل: قلت الأفعال؛ كثر الكلام. (مصطفى على
عمار)
ـ سليط: كلما فتحوا له باباً؛ أغلقه بلسانه. (أحمد
فؤاد الهادي)
ـ سُكرٌ: تجرع كؤوس المُدام؛ تقيأ سافل الكلام.
(حسام شلقامي)
ـ لغة: تلعثم اللسان الصريح؛ ناب عنه الدّمع
الفصيح. (غريبي بوعلام)
ـ لغة: استترت الضمائر؛ عرّتها الأفعال. (خيري
الأزغل)
ـ تبحر: أتقن لغة الصمت؛ بلغ مقصده. (أحمد طه)
ـ تقمص: تعلم لغة الإشارة، فقد النطق. (لقمان
محمد)
ـ أوراق:
سقطت الحروف؛ تبخر الحلم. (نورة عيساوي)
ـ بوح:
تمرد القلم؛ شنقني بحروفه. (فاطمة الشيري)
ـ
شعر: أحرقوا أوراقه؛ فاحت الكلمات. (محمد القسنطيني)
ـ
تحدٍ: واجه المحن؛ تبدلت حروف النهاية. (فاطمة عطا)
ـ فتنة:
أغرقها بحلو الكلم؛ استعصمت بسد مبادئها. (أمل محمد عطية)
ـ لغة: تحدثت عيونها؛ تلعثم قلبه. (محمد أبو
ممدوح)
ـ رباط: فرقتهم اللغات؛ جمعهم القرآن. (مصطفى
علي عمار)
ـ خجل: أتقن لغة العيون، فشل في الإعراب. (حكمت
صابر العبيدي)
ـ لغة: فتشَوا جيوب الصمت؛ نطقت. (علي العقابي)
ـ عشق: تلعثم لسانه؛ تحدثت عيونه. (مصطفى علي
عمار)
ـ فصاحة: نطقت العيون؛ تعطلت لغة الكلام. (فراس
السالم)
ـ صمت: رسبتْ في التعبير بكلامها؛ نجح في إعراب
ملامحها. (رلى جمل)
ـ حصار: أحاطته الحروف؛ استغاث بمعنى. (طارق
عثمان)
ـ شعرٌ: سالت عبراتُه؛ انسابت عباراتُه. (السيد
محمد النجاري)
ـ تصحيح: أغمدَ السيف؛ امتشقَ القلم. (عبدالله
الميالي)
ـ بوح: أسكتوهُ؛ نطقَ قلمُه. (صلاح الأسعد)
ـ انتقام: رشقها بكلماته؛ قتلته بصمتها. (نبيهة
محضور)
ـ رَحِم: قطعوا صِلَتهم بالجُمْلَة؛ بكت حروف
العطف. (لقمان محمد)
ـ عولمة: اغتيل حرف الضاد؛ استعجم العرب. (علي
العقابي)
ـ تربص: حار في اتهامه؛ حرف كلامه. (مجدي شلبي)
ـ مَعَانٍ: أساءوا وضع النقاط؛ سقطت الحروف. (لقمان
محمد)
ـ قسوة: تعلم الحروف كلها، أهمل حروف العطف. (زاهر
حبيب)
ـ تخاطر: نثر حروف شوقه؛ وصلتها قصيدة. (إسلام
علقم)
ـ نهاية: عبث بزناد الكلمة؛ أردته قتيلا. (إيمان
اللبدي)
ـ ﺷﺮﻭﺩٌ: ﺗﻼﻗﺖْ النظرات؛ ﺗﺒﻌﺜرتْ الحروف. (فاطمة
عطا)
ـ واقع: تسلق أحلامه؛ سقطت الحاء. (طارق عثمان)
ـ حب: اجتاحته نبضة؛ أحالها قصيدة. (هيفاء حماد)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقوال
مأثورة ذات علاقة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ بالإشارة و اللفتة و الحركة و الرقص؛ يتكلم
النحل. (مصطفى محمود)
ـ إن
قدرتك على الضحك من نفسك هو إشارة الى النضج و الاستقرار العاطفي. (زيج زيجلار)
ـ حين
توشك على السقوط تجد إشارة تدلك أنه ما كان سقوطاً، و إنما كانت رحمة الرب لتتعلم
كيف تقف. (رباب كساب)
ـ مؤلم
أن لا تعرف وسائل الشكوى، أو الإشارة إلى مكمن الألم، فتتأوه من وجودك كله. (عبده
خال)
ـ لا
فائدة من الصراخ في أمة صماء، و لا جدوي من الإشارة في أمة لا تري. (محمد صادق).