مرحبا بكم في بلوج الرابطة العربية للومضة القصصية: ريادة الومضة القصصية بلا منازع ـ أسس الرابطة الأديب مجدي شلبي: مبتكر الومضة القصصية في 12/9/2013...

نتيجة مسابقة أول الأوائل رقم 10 لعام 2019

قراءة في الومضة القصصية (عدوان) الفائزة بالمركز الأول في المسابقة الأسبوعية رقم 10 (أول الأوائل لعام 2019)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
احمد جبار
عدوان
دقوا طبول الحرب؛ تراقصت جثثهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العنوان (عدوان): بغي، تجاسر، تعدٍ، ظلم... و المعنى إجمالا: هجوم متجاسر مباغت، و تعدٍ ظالم بلا مبرر.
و إذا كان الفعل (عدا) يأتي بمعنى (اعتدى)؛ (عدا الشخص) أو (عدا البؤس): اعتدى، تجاوز؛ يقول الشاعر (إبراهيم ناجي):
مَن رأى البؤسَ إن عدا!
مَنْ رأى الضنك إن هَجَمْ؟
مَن رأى العفةَ العريقةَ بالدهر تصطدمْ؟!
و يأتي الفعل (عدا) بمعنى (العدو): الجري، الركض؛ نقول: (عدا الغزال): ركض، (عدا الماء أو الشخص): جرى؛ يقول (ابن الرومي):
فإن عدا والريح في وجهه *** لم ينبعث في وجهه إصبعا
من هذا تتضح العلاقة الوثيقة بين صفة (العَدَّاء: سريع الركض و الجري، و بين العَدَاء: شدة العداوة و الخصومة)
و من ثم يصبح الفعل (تعادوا) معناه: تباروا في العداء.
كما نود الإشارة إلى أن الفعل (عدا) من الأضداد أيضا؛ فهو يأتي بمعنى: تخلى و ترك؛ نقول: (عدا الأمر أو الشيء): جاوزه و تركه؛ (استبعده).
يقول (سيف الرحبي):
لا ندين لأحدٍ، عدا أرجلنا الثكلى، بالمسافات.
فعن أي عدوان يحدثنا الكاتب في ومضته القصصية؟:
ـ يرشدنا الشطر الأول من المتن أنه عدوان عسكري مسلح أعلنوا عنه، و أقدموا عليه: (دقوا طبول الحرب)، اتساقا مع الواقع الذي عبر عنه (سوفوكليس):
"العديد من (البشر) ينزعون إلى العدوان على جيرانهم؛ رغم أن هؤلاء الجيران يحسنون السلوك".
و هم بتجاوزهم هذا يخالفون ما أوصانا به رب العزة سبحانه و تعالى في محكم التنزيل: (فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) الآية 193 من سورة البقرة. (ومن يفعل ذلكُ عدْوانًا وظلمًا فسوف نُصليه نارًا) الآية 30 من سورة النساء.
يقول (علي الطنطاوي): "كل واحد منا يعلم أن الظلم و العدوان من أسباب غضب الله، و لكنا لا نعمل بهذا الذي نعلمه".
ذلك أن النزعة العدوانية المتغلغلة في النفوس المريضة؛ لا تجعلهم يدركون المخاطر التي سيتعرضون لها في الدنيا و الآخرة؛ يقول (الإمام الشافعي): "بئس الزاد إلى المعاد: العدوان على العباد".
يقول (رونالد ريجان): "يعلمنا التاريخ أن الحروب تبدأ عندما تعتقد الحكومات أن ثمن العدوان رخيص".
و رغم ما جاء في محكم التنزيل: (ولا تقتلوا أنفسكم) الآية 29 من سورة النساء؛ فها هو الشطر الثاني من متن الومضة القصصية المعروضة يعلن بجلاء عن مصيرهم و نتيجة عدوانهم: (تراقصت جثثهم)؛ يقول (علي محمود طه):
أيّ عدوان زريّ المظهر *** بدم قان و دمع مهدر.
و ما يستتبع ذلك من مشاعر ضغينة؛ يقول (ليث الصندوق):
"وما بيننا ثأر من خرجوا سالمين من المذبحة".
بعد أن: "حسبوا أن العالم الحر سيثور على الظلم و العدوان، و ما دار بخلدهم أن الضمير العالمي قد مات". (عبد الحميد جودة السحار).
فإن كانوا قد (دقوا طبول الحرب)؛ فعلى وقعها (تراقصت جثثهم)؛ يقول بيت الحكمة:
أَمِيرَيْ عَداءٍ إنْ حَبَسْنا عليهِما *** بَهائِمَ مالٍ أوْدَيا بالبَهائِم.
و في نهاية قراءتي للومضة القصصية المعروضة؛ أود الإشارة إلى تلك العلاقة التي لخصها الكاتب في صورته المشهدية البليغة بين (دقوا طبول الحرب) و (تراقص جثثهم). و هو ما يذكرنا ـ إلى حد كبير ـ بالمثل الشهير: (على نفسها و أهلها جنَتْ براقش).
ومضة قصصية استحقت المركز الأول عن جدارة؛ فقد جاءت بشكل مكثف و مفارق و مدهش و موح، و بنهاية مباغتة، حاملة رسالة مفادها: "الحرب: هي أن تلتهم الأرض لحوم البشر". (مانشيوس).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقوال مأثورة ذات علاقة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ نتيجة الحروب خلق اللصوص و نتيجة السلام قتلهم. (جورج هربرت)
ـ الحرب هي تسلية الزعماء الوحيدة التي يسمحون لأفراد الشعب بالمشاركة فيها (هنري برجسون)
ـ الحرب همجية منظمة مهما حاولت التنكر. (نابليون بونابرت)
ـ أنا أحب الحياة جداً، لكني أرفض الذل و الخضوع و العدوان على نفسي. (احمد ياسين)
ـ انتهاك شرف البنت يقيم الدنيا و لا يقعدها في مجتمعنا، لكن العدوان على شرف الأمة لم يعد يحرك ساكنا فيها. (محمد الغزالي)
ـ التجاهل جورٌ أقسى من العدوان. (إبراهيم الكوني)
ـ إن التجارة بين الأقوياء والضعفاء ليست بيعا و شراء؛ بل هل حرب و عدوان. (سعد الله ونوس)
ـ عيب علي وعدوان على الناس *** إذا وعظت وقلبي جلمد قاس. (سعدي الشيرازي)