مرحبا بكم في بلوج الرابطة العربية للومضة القصصية: ريادة الومضة القصصية بلا منازع ـ أسس الرابطة الأديب مجدي شلبي: مبتكر الومضة القصصية في 12/9/2013...

نتيجة مسابقة أول الأوائل رقم 20 لعام 2019

قراءة في الومضة القصصية (عمى) الفائزة بالمركز الأول في المسابقة الأسبوعية رقم 20 (أول الأوائل لعام 2019)
ــــــــــــــــــــــــــــ
خيرى الأزغل
عمى
تاه؛ اتخذوه دليلا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
العنوان (عمى): و هو لفظ يدل على (فقدان الرؤية)؛ يقول (عمر حسني):
عيرني يا أعمى و العمى قدر *** و ما لنا بأقدارنا اختيار
وإن كنت أعمى عمى البصر *** فهناك أعمى رغم إبصار.
يقول الحق في محكم التنزيل: (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) الآية 46 من سورة الحج.
و هكذا يتضح أن للفظ (عمى) دلالات أخرى منها:  
ـ الإخفاء، و التلبيس؛ يقول الحق في محكم التنزيل: (وآتاني رحمة من عنده فعماها عليكم) الآية 28 من سورة هود.
ـ و قد تأتي بمعنى: الغي، التيه و الضلال؛ يقول الحق في محكم التنزيل: (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى) الآية 17 من سورة فصلت.
يقول (حسان بن ثابت):
وهلْ يَستوي ضُلاّلُ قوْمٍ تَسَفّهوا *** عمىً، و هداة ٌ يهتدون بمهتدِ؟.
ـ و إذا كان (عمى العقل و التفكير): يعني ـ إجمالا ـ عدم القدرة على التمييز و الإدراك؛ فالمدهش أن هذا اللفظ (عمى) من الأضداد (يدل على المعنى و ضده)؛ ورد في معجم الغني:
ـ (عمى إِلى هدفه): ذهب إِليه لا يخطئه.
و قد سبق أن نشرنا عددا قليلا من الومضات القصصية؛ التي تتناول لفظ (عمى) بمعناه المتداول:
ـ أعمى: أرشدوه؛ صحَّحَ مسارهم. (راسم الخطاط)
ـ توق: فقدت بصرها؛ رأتهُ بقلبها. (يحيى القيسي)
ـ مشاهد: أصابه العمى؛ هنأه المبصرون. (مجدي شلبي)
و ها هي الومضة القصصية المعروضة تبدأ في شطرها الأول بكلمة (تاه): و تأتي بمعنى (تاه: اختال كِبرا)، و (تاه: ضل السبيل)، و هي ـ كما ذكرنا آنفا ـ مرادفة للعمى لفظا و معنى.
وهم عندما يدركون حقيقة بيتي الحكمة:
الناس في حاجة للمرشدين و هل *** يوما بغير دليل يهتدي السفر
و الناس في حاجة دوما لذي ثقة *** بنفسه ليقيهم ما به عثروا.
فماذا كان منهم تجاه من (تاه)؟ هل (أرشدوه) إلى الطريق بمعناه المادي و المعنوي؛ اتساقا مع ما قاله (فاروق جويدة): "إذا تاه دربي فأنت الدليل..."؟:
يفاجئنا الشطر الثاني بأنهم:
(اتخذوه دليلا)!.
و هم هنا إما أن يكونوا قد اعتمدوا على (بصيرة من فقد البصر) فاتخذوا بصيرته دليلا؛ تلك (البصيرة) التي سبق أن كانت عنوانا لومضات قصصية عديدة منها على سبيل المثال:
ـ بصيرة: أغمض جفونه؛ أبصر. (محمد الشطوي)
ـ بصيرة: عيروا الكفيف بعصاه، و تتبعوا خطاه. (حسام شلقامي)
ـ بصيرة: ضعُف البصر، اتّضحت الرؤيا. (هالة مهدي)
ـ بصيرة: أخفى عينيه؛ أبصر سوادهم. (محمد أبو ممدوح)
ـ بصيرة: لحظة وفاته، اكتشف أنه أعمى. (حارس كامل يوسف)
ـ وعي: نادى المبصرين؛ استجاب العميان. (محمود عبدالله)
ـ بصيرة: فقد البوصلة؛ قاده العميان. (محمد نور بنحساين)
و إما أنهم بلا رأي و لا رؤية؛ فسلموا قيادهم و استسلموا لمن (تاه)، و كأنهم قطيع يتبع الراعي حتى لو كان ضالا مضلا؛ يقول ويليام وردزورث: "العادة تقود القطيع الذي لا يفكر"، و يقول بيت الحكمة:
إِذا كنت من كُلِّ الأمورِ على عَمىً *** فكنْ هكذا أرضاً يطاكَ الذي يَدْري.
و من ثم فتحت الومضة القصصية الباب للتأويل، و لم تغلقه على دلالة وحيدة، و تلك سمة مميزة لهذا الفن الأدبي الذي ابتكرته و أرعاه و أدعمه، و أدافع عنه ضد العشوائية و الارتجال.
و هكذا نجد أنفسنا حيال ومضة قصصية نموذجية؛ حازت ـ عن جدارة و استحقاق ـ مركزا متقدما من بين العديد من النصوص، متمنيا أن ينجلي الغبش الذي يحجب رؤية كثير من الكتاب و النقاد حول ماهية هذا الفن الأدبي المستقل و المتفرد و المتميز عن باقي الفنون الأدبية الأخرى.