قراءة في الومضة القصصية (تهور) الفائزة بالمركز الأول في المسابقة
الأسبوعية رقم 29 (أول الأوائل لعام 2019)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انعام البطريخي
تهور
تسرع؛ لطمته أخطاؤه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العنوان (تهور): رعونة، سفاهة، طيش... و يتخذ الـ(تهور) أشكالا عدة؛
منها:
ـ (تهور في كلامه):
تكلم بلا مبالاة، دون تفكير و لا روية.
ـ (تهور على جاره):
اعتدى عليه في طيش و نزق.
يقول (عبد الغني النابلسي):
تهور
صلف ثم اتباع هوى *** و للبطالة أن تلقاه معتمدا.
ـ (تهور البناء): انهدم، سقط، انهار؛ يقول الحق في محكم التنزيل: (فانهار
به في نار جهنم) الآية 109 من سورة التوبة.
و إذا كانت الحكمة الشهيرة تقول: (يقود التَّطرُّف إلى التَّهوُّر، و يفضي
الاعتدال إلى الحكمة)؛ فربيبتها من الأقوال
المأثورة تؤكد أن: (في التأني السلامة، و في العجلة الندامة)
غير أن بطل الومضة القصصية المعروضة، لم يراع ذلك؛ بل:
ـ (تسرع)، و هو تسرعٌ يتسق مع ما قاله (الشريف الرضي):
ما كان إقداماً و لكنه *** تسرع العير على
الضيغم.
فماذا كانت النتيجة؟:
ـ (لطمته
أخطاؤه)، و هو تعبير مجازي شبهت فيه (الأخطاء) بإنسان، و حذفت المشبه به، و أتت
بأحد صفاته، مضيفة لهذا التشبيه البليغ، فعل (لطم): (ضرب على خده بباطن الكف)؛
لتكتمل الصورة الرمزية، بتناسق رائع بين الأخطاء و العقوبة، بل و الأكثر روعة أن
جعلت الأخطاء هي ذاتها التي تعاقبه على ارتكابه لها، بتسرعه و تهوره. و كأنها
تتبرأ منه، تبرؤ الشيطان من أتباعه؛ يقول الحق في محكم التنزيل: (كمثل الشيطان إذ
قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين) الآية 16 من
سورة الحشر.
و هنا لا بد لنا من وقفة؛ لنطرح سؤالا:
ـ لماذا قالت الكاتبة (لطمته أخطاؤه) و لم تقل (صفعته
أخطاؤه)؟:
ـ ذلك لأن (اللطم): ضرب على الخد، و معلوم أن الخد هو المعبر باحمراره
عن الشعور بالإحراج، من موقف تعرض له صاحبه، أو تصرف خاطئ أقدم عليه؛ فجاء (اللطم)
هنا مناسبا لبعث تلك المشاعر، و إيقاظ (حمرة الخجل)، فضلا عن ارتباط ذلك اللفظ (اللطم)
بالتعبير عن الحزن و الندم؛ يقول
(مظفر النواب):
لولا
ندم ساور آدم بعد ضياع الجنة *** لاندمل الجرح الطازج في حواء.
و يقول (سميح القاسم):
لا تسكبوا الدموع، لن ينفعكم ندم *** الشمس في
طريقها راسخةُ القدم.
لقد جاءت الومضة القصصية المعروضة في ثلاث كلمات
فقط؛ تحمل رسالة ضمنية محذرة من التهور و التسرع، و هو ما يدفعنا الآن لعرض بعض
الومضات القصصية ـ ذات العلاقة بالموضوع المعروض ـ التي سبق نشرها في رابطتنا
العربية للومضة القصصية، منها على سبيل المثال:
ـ تهوّر: جنّ ليلُه؛ لامَ مصباحَه. (حورية داودي)
ـ تهور: أطلق لمركبته العنان؛ توقفت أنفاس
الضحايا. (حاج عمر حاج)
ـ تهور: كسر منقاره؛ أكله النمل. (إبراهيم مشلاء)
ـ تَهوُّر: رَكَضَ خَلف الكُرة؛ سَكَنَ
الشِبَاك. (لقمان محمد)
ـ تهور: رفع عصاه؛ كسّر جرة العسل. (غريبي بوعلام)
ـ تَهوُّر: رَكَضَ خَلْفَ النُّجُومِ؛ تَعَثَّرَ
بِضَوْءِ القَمَر. (بهية إبراهيم الشاذلي)
ـ تهور: أرادوا الخبر اليقين؛ قتلوا جهينة. (علي
أحمد عبده قاسم)
ـ حماقة: تهور؛ انهار. (خلف كمال)
ـ تهور: أرادوا اللبن؛ عقروا الناقة. (علي أحمد
عبده قاسم)
ـ تهور: تعجلوا الصعود؛ سقطوا. (حسام شلقامي)
ـ تهور: اختبر عمق النهر بكلتا قدميه؛ غرق. (نشأت
فاخر)
ـ ﺗﻬﻮﺭ: ﻟﻌﺒﺖ ﺍﻟﺜﻴﺮﺍﻥ؛ ﺗﻬﺪﻣﺖ ﺍﻟﺤﻈﻴﺮﺓ. (كامل
هريدي كامل)
ـ مآل: تسرع؛ تعسر. (حاج عمر حاج)
ـ تسرع: أفرطوا في مشاعرهم؛ أفلست القلوب. (أم
عبدالرحمن البرقاوي)
ـ تسرع: انحنى ليطعه؛ قضم أنامله. (على ابراهيم
ابو قطيه)
ـ تسرع: ربح الحرام؛ خسر الاحترام. (احمدالثامر
الصحن الجبوري)
ـ تهور: انطلق مسرعا بسيارته؛ أوقفته شجرة. (حسام
شلقامي)
ـ مرافعة: تهور في كلامه؛ خسر قضيته. (Bessaidi Mohamed)
ـ تسرع: اختصر الطريق
إلى قلبها؛ وصل قبل موعده. (عبدالناصر العطيفي).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقوال مأثورة ذات علاقة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ الحذر ليس بجبن ، كما ان التهور ليس بشجاعة. (مثل
فارسي)
ـ الأخطاء مصدر لسعادة مؤقتة و حزن دائم. (زكرياء
ياسين)
ـ تبدو الأخطاء كبيرة عندما يكون الحب صغيرا. (مثل
إيطالي)
ـ لا الأخطاء تنتهي، و لا الرحمات أيضَا. (أروى
خميّس)
ـ من الأخطاء ما لا يُجدي معه الاعتذار. (نجيب
محفوظ)
ـ كلنا نرتكب الأخطاء، فلا تتصرف و كأنك أفضل من
غيرك. (ألدوس هكسلي)
ـ عندما يرزقك الله بداية جديدة، لا تكرر
الأخطاء القديمة. (أحمد الشقيري)
ـ لا تبحث عن الأخطاء و لكن ابحث عن العلاج. (ويليام
شكسبير)
ـ إن كان جمال الحب في العطاء، فإن عظمته في
تجاوز الأخطاء. (روبرت بويل)
ـ الحياة أقصر من أن نقضيها في تسجيل الأخطاء
التي ارتكبها غيرنا في حقنا. (برتراند راسل).