مرحبا بكم في بلوج الرابطة العربية للومضة القصصية: ريادة الومضة القصصية بلا منازع ـ أسس الرابطة الأديب مجدي شلبي: مبتكر الومضة القصصية في 12/9/2013...

ملامح الومضات القصصية

ملامح الومضات القصصية

بقلم الأستاذ: حميد ركاطة (قاص وناقد من المغرب)
الومضات القصصية تبلغ ذروتها من خلال ربطها بعتباتها لتشكل نهايات عاصفة. و هو اشتغال يتم في حيز جسد ضامر جدا، يرتكز على مفارقات عديدة، و بلاغة الحذف و الإضمار، لتوليد سياقات جديدة؛ لإجبار القارئ على ملء فراغات النصوص للمساهمة في توليد دلالتها الجديدة، هي نصوص بقدر ما تبرز زيف الشخوص و ادعاءاتهم و كذبهم، تخترق نوايا بعضهم بتحويلها إلى مجرد أقنعة شفافة لتبرير أخطاء تم تعليقها على مشجب واهم؛ فهي بقدر ما تحيل على فظاعة الواقع تعمل على الفضح و التعرية. كما تتحول العتبات إلى مفاتيح إجبارية للكشف عن طبيعة القفلة النهائية، و هذا أمر يشكل إضافة في بناء الومضة بما تضفيه أبعادها الدلالية و الرمزية، و بما تشكله محوريتها في تحريك سياقات ذات مرامي مضمرة.
إننا إزاء نصوص تروم اختزال العالم من خلال تحريك سياق النص خارج المألوف و المعتاد ارتكازا على توظيف تقنيات الميتاقصة أو بتناصها مع المسرودات الطويلة من حيث الايحاء بإماضة بارقة و سريعة، لتكشف عن استلهامها لدلالاتها الجديدة المتوارية.هكذا نلمس مدى الهالة التي تكتسبها الأشياء البسيطة من قوة تدميرية و هائلة و هي تفرغ أخرى أكبر منها  من رمزيتها الدلالية و الكونية، لتبني على أنقاضها معالم جديدة في سياقات مغايرة؛ فالفرجة تتحول مثلا إلى فسحة لإبراز السخرية من البؤس و من الذات و الواقع و المواساة إلى نوع من الحسد أو رغبة في المجاسدة.
إن الملمح الساخر بقدر ما يفجر الضحك يتحول بمفارقاته إلى مؤشر على الحزن و القتل و الإحباط ليعلن عن كتابة جريئة بميسم خاص و لغة قوية و بناء متين. في حين تبرز شخوص الومضات القصصية مبهمة الملامح، ممسوخة، و محكي عنها  تظل مضمرة ضمن طيات عديدة، أرغمتها على الغياب المتعمد أو كتعبير عن التهميش أو إصرار على الرفض و الإقصاء الذي طالها.
لنستخلص أن الانتقاد الساخر بقدر ما يوجه لشخوص مبهمة يوجه في الواقع لمنظومات بأسرها، و لبنيات المجتمع عموما،  و للزيف الذي يلف مظاهر الحياة.إن هذا الاشتغال الواعي يحافظ على مقوماتها و إيقاعها السريع و العاصف، لتكشف خصائص مهيمنة و جلية دالة على سخرية الموقف المفعم بالوخز حينا، و التأمل حينا أخر في مواجهة فظاعة الواقع ، و اللحظات الحياتية المنفلتة من عقال الزمن الهارب.

"إن الومضات القصصية هي وخزات قصصية ساخرة، و ساحرة جدا، لا غروة أنها ستسيل الكثير من المداد، و تثير الكثير من الأسئلة حولها في المشهد القصصي المصري، و العربي على السواء."