قراءة في الومضة القصصية (فساد) الفائزة بالمركز الأول في المسابقة
الأسبوعية رقم 22 (أول الأوائل لعام 2019)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حسن احمد العكيلي
فساد
عمروا جيوبهم؛ هدموا بلدهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العنوان (فساد): و هو يتخذ صورا و
أشكالا عديدة؛ منها ما هو مادي (تلف و عطب):
ـ فساد الطعام؛ أقول في ومضتي
القصصية:
تلوث: أعدوا الطعام ليأكلوه؛ أكلهم.
ـ فساد الهواء؛ يمكننا تأويل قول (أمين
تقي):
هكذا تنثر الزهور على النعش *** لتخفي
ما تحته من فساد.
ـ فساد الجروح (إهمال و تفريط)؛ يقول
بيت الحكمة:
إِذا ما الجرحُ رمَّ على فسادٍ ***
تبيَّنَ فيه تفريطُ الطبيبِ.
و منها غير ذلك (اضطراب و خلل):
ـ فساد الطبع؛ تقول ملك حفني ناصف (باحثة
البادية):
لا تتقى الفتيات كشف وجوهها *** لكن
فساد الطبع منكم تتقي.
ـ فساد الحكم؛ يقول (البحتري):
بدار في اقتطاع الفيء جم *** و سعي في
فساد الملك باد.
ـ فساد العقيدة (إلحاق الضرر)؛ يقول
الحق في محكم التنزيل: (الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا) الآية 33
من سورة المائدة.
و يقول الكاتب/ مصطفى الخطيب في ومضته
القصصية:
ـ إرهاب: زيفوا له الدين؛ توضأ
بالدماء.
ـ فساد الرأي؛ يقول بيت الحكمة:
إِذا كنْتَ ذا رأيٍ فكن ذا تدبيرٍ ***
فإِن فسادَ الرأيِ أن تتعجلا.
و ما من (فساد) إلا وهو من صنع البشر؛
يقول الحق في محكم التنزيل: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس)
الآية 41 من سورة الروم.
فعن أي فساد يحدثنا الكاتب في ومضته
القصصية؟:
ـ فيجيب بالشطر الأول من المتن: (عمروا جيوبهم)، و
هو تعبير مجازي أراد به الإشارة لما تقاضوه من رشاوى و هبات لقضاء حاجة أو مصلحة، أو إحقاق باطل، أو إبطال حق، و من ثم تضيع
الحقوق بتفشي الرشوة.
و المتأمل هنا في العبارة (عمروا جيوبهم) يلاحظ
أن ما اعتبروه تعميرا للجيوب؛ هو خراب للمجتمع، و من ثم لم يكن غريبا عليهم أن: (هدموا
بلدهم)؛ على طريقة (مخرب ديدنه خراب)؛ اتساقا مع قول (محمد مهدي الجواهري):
فاذا تركَتِ له الخيارَ فإنه *** أشهى إليه أن
يكونَ خراب.
ومضة قصصية نموذجية في تكثيفها، و مفارقتها
البليغة بين (تعمير الجيوب) و(هدم البلاد)، و تصويرها الرمزي الموحي و المعبر عن
ظاهرة؛ تسعى جميع المجتمعات لمقاومتها و التصدي لها.
و حيث أن الأدب لا ينفصل عن المجتمع، بل يتفاعل
مع مشاكله و قضاياه؛ وجدنا العديد من كتابنا قد تناولوا موضوع (الفساد) بصياغات و
أساليب مختلفة في ومضات قصصية سبق نشرها في رابطتنا العربية للومضة القصصية؛ منها
على سبيل المثال:
ـ فساد: تثاءبت الضمائر؛ استيقظت الجرائم. (حاج
عمر حاج)
ـ فساد: فُتحت الخزائن؛ ابتلعته. (خيري الأزغل)
ـ فساد: تستّر بماله؛ تعرّى بأعماله. (هالة مهدي)
ـ فساد: نظف القدر؛ استعصى القاع. (يحيى القيسي)
ـ فساد: ضعفت الرقابة؛ اشتدت همم الديابة. (خيري
الأزغل)
ـ فساد: استطال الذيل؛ استغرق الرأس. (يوسف
المحيثاوي)
ـ فساد: فاح النفاق؛ ثملت الضمائر. (بهية
إبراهيم الشاذلي)
ـ فساد: فأجاءها المخاض؛ اجتثوا جذوع النخل. (علي
العكشي)
ـ فساد: مات ضميره؛ شيع اللصوص جنازته. (طارق
عثمان)
ـ فساد: تهاتفوا على المناصب؛ كثرت المآدب. (إلهام
سعيد)
ـ فساد: أخفوا وجوههم؛ تعرت بطونهم. (صالح كحول)
ـ فساد: استأصلوا أذرعه؛ تشبث بأنيابه. (هبة
عثمان)
ـ فساد: زاد عدد السحرة؛ انفضحت الألاعيب. (حمدي
عليوة)
ـ عدوى: فسدت حبة؛ تلف البيدر. (علي عقابي)
ـ معالجة: تورط في الفساد؛ أنقذوه بالترقية. (ربيحاوي
مخلوف)
ـ تستر: عرت الفساد؛ اتهموها بالعهر. (مجدي
شلبي)
ـ فساد: وأدوا الحقيقة؛ فاحت رائحتها. (عصام
كباشي)
ـ فَسَادٌ: خَلَعَتهُ البلاد؛ بقيت
الأوتادِ. (عبد الحليم الضحيك) و هي الومضة القصصية الفائزة في المسابقة الأسبوعية
رقم 7 و قراءتي فيها على الرابط التالي:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقوال مأثورة (توقيعات أدبية) ذات
علاقة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ اذا فسدت البيئة فلابد للإنسان أن
يحتمي بعقله لينجو من الفساد. (أحمد زكي)
ـ الرب لم يخلق سوى الماء، لكن
الانسان صنع الخمر. (فكتور هوجو)
ـ إن الفساد يطول عمره كلما انسحب
الشرفاء... (خيري شلبي)
ـ الفساد يهبط من اعلى الى أدنى ، و
الاصلاح يصعد من أدنى الى أعلى. (محمد عبده)
ـ إتباع الهوى يعمي عن الحق، و طول
الأمل ينسي الآخرة و هما مادة كل فساد. (ابن القيم)
ـ إن فساد الأديان يجيء من تحولها إلى
ألفاظ ومظاهر. (محمد الغزالي)
ـ مكافأة الفساد لم تكن يومـًا سوى
إطعام ديناصور لا يعرف معنى الشبع. (ياسر ثابت)
ـ كلما وضع الإنسان المناصب نصب
عينيه، يبدأ الفساد في سلوكه. (توماس جفرسون)
ـ رغم أن الفساد من أمراض المناطق "الحارة",
فإنه في بلادنا يتوطن في المكاتب "المكيفة". (جلال عامر)